اِقـــرَأ كي تحيـــا ...!

 

ألبرتو مانغويل، رجل يتحدث ويكتب بعدة لغات، يقول عن نفسه بأنه وهو في الرابعة من عمره اكتشف فجأة بأنه يستطيع القراءة دوماً وأبداً.


وهو بمجرد أن استطاع وبدون مساعدة من أحد أن يركب الحروف الصغيرة النحيلة ببعضها والتي علمته إياها مربيته، وان يحولها إلى كلمات، إلى حقائق حية، ساعتها يقول «أحسست بأنني أصبحت إنساناً جبارا، كنت استطيع أن أقرأ »!
بعد تلك الحادثة بسنوات طويلة اقتفى ألبرتو مانغويل آثار النصوص المكتوبة والمقروءة والمطبوعة عبر مختلف العصورالتاريخية، بحث عنها في الكثير من المكتبات في أنحاء العالم، لكنه ابتداء بحث داخل نفسه أولا، وخلال سبع سنوات من الجهد المتواصل قدم هذا الكاتب كتابه الرائع (تاريخ القراءة) الذي يروي فيه قصة القراءة باعتبارها «مفتاح فهم العالم» ناصحا قراءه بهذهالنصيحة الفريدة:اقرأ كي تحيا !

هذا الكتاب الذي ترجمه سامي شمعون باقتدار وأصدرته «دار الساقي» في طبعته الأولى عام 2001 قالت عنه صحيفة «نيويورك تايمز»: «لقد تبنى البرتو مانغويل تعطشنا إلى الكتب وحول هذا الموضوع بنجاح باهر إلى كتاب رائع».


وبالفعل فهو كتب في كتاب، هو كتاب كل قارئ بدأ رحلة القراءة منذ زمن، وما عاد يستطيع تصور الحياة بدون كتاب، ومانغويل يتحدث في كتابه عن القراءة بهيام عظيم كالذي نشعر به نحن معشر القراء فيكل العالم.


في «تاريخ القراءة» يتذكر مانغويل الكلمة الأولى التي قرأها، ويتحدث عن ولعه بالقراءة منذ طفولته المبكرة، كما يروي قصة علاقته بالكاتب الكبيرالكفيف «خورخي لويس بورخيس» الذي كان يقرأ عليه في بوينس آيرس مدة عامين كاملين يوما بعد يوم، ثم يطوف بنا إلى بدايات الكتابة والى فن طباعة الكتب والأدب وشكل الكتاب، والى أشهر القراء وأعظم الكتاب، والى فعل القراءة وسلطانها العجيب.


نقرأ في (تاريخ القراءة) عن عظماء العالم الذين كانوا يكتبون ويعشقون القراءة أمثال: أرسطو، وابن الهيثم، ومريم المجدلية، وريلكه، وذلك الأمير الفارسي الذي كان يأخذ معه في رحلاته الطويلة مكتبته المكونة من 117 ألف كتاب على ظهر قافلة من الجمال مصنفة بحسب الحروف الأبجدية.

لكن أروع الفصول تلك التي يأخذنا إليها مانغويل ليكشفلنا عن أولئك الذين اخترقوا حظر القراءة وتعلم الكتابة من عبيد أميركا في أزمنة الرق والعنصرية والذين كان لا يتردد البيض (المتحضرون) عن قتلهم لارتكابهم هذاالجرم .

هناك قراءة محرمة وممنوعة بأمر السلطات والملوك ورجال الدين، وهناك قراءة خلف الجدران وقراءة المستقبل، لكن الأكثر طرافة هي حكاية اكبر سارق للكتب في العالم دوق ليبري النبيل والعبقري الفلورنسي في الرياضيات الذي نال كرسي الرياضيات في العشرين من عمره في واحدة من أعرق جامعات أوروبا، إلا أن ولعه بالكتب النادرة حوله لأكبر سارق كتب في التاريخ !

ليست هناك تعليقات:

التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها في الموضوع

أشر إلى المصدر عند النقل. يتم التشغيل بواسطة Blogger.